"عندما يسيل الدم في الشوارع، اشترِ. إنه الوقت المناسب"
هذه المقولة أطلقها البارون روتشيلد في القرن الثامن عشر وحقق ثروة طائلة من تطبيقها في أعقاب معركة واترلو التي خاضتها انكلترا وبروسيا وهولندا ضد نابليون عام 1815 ، تحولت إلى شبه شعارا للمضاربين.
والذي يعنيه في هذه المقولة الشهيرة هو كشف وتحديد الفرص في المواقف القصوى مثل فقاعة الانترنت في سنين ال - 2000, أزمة الرهن العقاري في 2008, وأزمة الكورونا في 2020.
وهذا يعني انه حتى اذا اشترينا سهم لشركة ممتازة في وقت غير مناسب من الممكن أن تراودنا الخسائر.
في هذه الأزمات والمواقف القصوى يكون السوق متقلب بشكل كبير ويحدث عادة هبوط حاد في الأسواق المالية بسبب عدم اليقين ولكن بعد فترة زمنية معينة وفي حالات الاستقرار يحدث تصاعد في الأسواق بشكل كبير.
في سنين ال 2000 - فترة فقاعة الإنترنت، وضع الأسواق المالية كان صعب جدا وحتى كان هناك فقدان للثقة في المؤسسات المالية، تم التداول في أسهم لشركات ممتازة بأقل من دولار واحد ومن اشترى في تلك الفترة ربح نسبة خيالية على قيمة استثماره.
أحد العوامل الهامة جدا باختيار الاستثمار أو حتى الاهم هو.. التوقيت!!!
أحيانا في الأوقات القصوى يمكن أن تجد فرص ممتازة والتي لن تعود مرة اخرى.
لنفصل أحداث الأزمات الاقتصادية الكبرى التي شهدها العالم.
فقاعة الإنترنت 1995 - 2001
لنشرح اولاً ما هي فقاعة؟
فقاعة اقتصادية هي وضع الذي فيه يتم تسعير سلعة ما بقيمة مرتفعة أكثر من قيمتها العادلة
ومع تزايد الطلب عليها يستمر سعرها بالارتفاع مثل الفقاعة أو البالون
حتى يبلغ سعر السلعة مستوى خيالي ويصل مرحلة الانفجار ويحدث هبوط حاد ومفاجئ في سعر السلعة.
فقاعة الإنترنت هي فقاعة اقتصادية التي حصلت ما بين السنين 1995 - 2001 والتي فيها تم تسعير بشكل مبالغ فيه لأسهم التي تتبع للصناعات المتعلقة بالإنترنت والتي كانت مشاريع في بداية تطورها
بسبب التسعير المبالغ فيه لتلك الأسهم الذي ارتفع مع الوقت
سجلت في البورصات ارتفاعات حادة وسريعة حتى وصلت ذروتها في سنة 2000 والتي فيها سجل مؤشر الناسداك 5,130 نقطة
في نهايات التسعينيات ظهرت فجأة أعداد كبيرة من المشاريع الناشئة والتي كان أغلبها يفتقر إلى صورة واضحة عن نموذجها الربحي نموذج أعمال، وكان كل اهتمامها هو الحصول على صورة ذهنية جيدة لدى الزبائن وحصة سوقية.
قامت تلك المشاريع بالاقتراض من المستثمرين وطرحت أسهمها للاكتتاب العام فحققت الملايين بسرعة
حتى أن بعض تلك المشاريع التي كانت تملك نموذجاً ربحياً لكنه لم يكن موجّهاً للطريقة التي يحقق بها الربح إنما للطريقة التي يزيد بها عدد الزيارات إلى موقعه. ووضع المستثمرون الممارسات الصحيحة في المشاريع جانباً وضخوا ملايينهم فيها مما أدى لتضخم الفقاعة.
الفقاعة بدأت بالانفجار عندما أعلنت الشركات عن الاعسار (أي تفوق الديون على الأموال) وهي حالة التي فيها لا تنتج الشركات فعلا مقدار الأموال التي يتوجب عليهن إنتاجها وفقا للتقارير المالية.
لاحقا، أعلنت العديد من الشركات عن إفلاسها مما أدى إلى انخفاض الطلب والاستثمار في أسهم تلك الشركات (أي القليل من الطلب مقابل الكثير من العرض)، وفي النهاية للركود.
أزمة الرهن العقاري
بدأت أزمة الرهن العقاري في عام 2004 is
في أواخر الأزمة (فقاعة الانترنت) في سنة 2001, البنك الفيدرالي (Federal Reserve) في الولايات المتحدة قام بتخفيض الفائدة على القروض وبالإضافة لقوانين التي سنت في تلك الفترة مثل "الدفعة المسبقة للحلم الأمريكي" و " قانون دفعة مسبقة صفر" أتاحوا للكثير بأخذ قرض عقاري حتى إذا ما كان عندهم القدرة على سداد القرض وبدون دفعة مسبقة - عائد منخفض للبنوك ومخاطرة عالية جدا على المال.
ارتفع الطلب على القروض اكثر واكثر مما أدى لجمع الأموال عن طريق السندات والضمان هو السداد من القروض.
مع العلم ان السندات تعد استثمار آمن.
الجمهور الأمريكي بدأ بشراء الشقق وبالتالي ارتفع الطلب على الشقق والمنازل واستمر بالارتفاع مما أدى لارتفاع مستمر للأسعار في سوق الإسكان في الولايات المتحدة.
بسبب الارتفاع المستمر بدأ يُنظر لسوق العقارات على أنه أداة استثمارية آمنة ومستقرة, وحينها كانت الفائدة في البنك منخفضة فضلوا العائد من سوق العقارات على إيداع الأموال في البنك.
رأى الكثير أن قروض "الساب برايم" كآلية مربحة, وسميت كذلك لأن قدرة سداد المقترضين مصنفة كأقل من "برايم", وبما أنه ليست هناك حاجة لدفعة مسبقة ومقدار المبلغ المسترد شهريا مشابه لدفعة الإيجار, استطاعوا المقترضين أن يسكنوا في المنازل وفي حال لم يستطيعوا سداد القرض سيقوم البنك بحجز الرهن بدون عواقب اخرى.
البنوك أيضا رأت بقروض "الساب البرايم" كآلية مربحة, باعتمادهم على سوق العقارات والذي كان بارتفاع مستمر, لذلك حتى إذا لم يتم سداد القروض سوف يتمكنوا من بيع المنازل بربحية وسهولة.
في سنة 2005 حصل انخفاض كبير في الطلب على سوق العقارات, وذلك بسبب أن الكثير من المقترضين وجدوا أنفسهم ينهارون أمام دفعات الفائدة التي استمرت في التزايد مع السنين وعندما حاولوا بيع منازلهم لسداد قرودهم لم يجدوا مشترين (عرض كبير مقابل طلب قليل).
المنازل بدأت بالانتقال للمقرضين ولكن هم ايضا لم يستطيعوا من بيع المنازل, لم يعد أحد مستعدا لأخذ قرض في فترة التي فيها الفائدة مرتفعة بسبب الانخفاض في الطلب والذي أدى لانخفاض الأسعار.
في سنة 2006 عدد كبير جدا من المقترضين أعلنوا الإعسار وهكذا هدمت العديد من الشركات المقرضة في سوق "الساب برايم" وفي سنة 2007 الكثير من الكيانات المقرضة دخلت في إجراءات التصفية, وانهار العديد من البنوك الكبيرة في الولايات المتحدة.
الضربة القاضية كانت عند انهيار السندات التي صدرت لسداد تلك القروض والتي كان من المفروض أن تكون مستقرة وآمنة.
نطاق قيمة الرهن العقاري يقدر ب- 1.3 تريليون دولار أمريكي.
العديد من كبار المستثمرين حصلوا على ثروات هائلة في وقت الأزمات طبعا يعتمد هذا على اختيار الأسهم الجيدة وعلى تحليلات أساسية دقيقة للشركة.